الثلاثاء، 29 مارس 2011

افتتاحية جريدة الجريدة

هناك دولة أيها الطائفيون
يفتخر الكويتيون بلا أدنى شك بالمساعي الكويتية إلى رأب الصدع بين الأشقاء في البحرين. وإذ يتطلعون إلى أن تصل اي مساع حميدة إلى خواتيمها المرجوة فلا بد لهم أن يستخلصوا أن الروح التي أملت هذا الدور الكويتي البناء هي التي يجب أن ترشدهم في مسار حياتهم الوطنية، وهي التي يجب أن تدفعهم إلى اللحمة بدل الفرقة، وإلى كلمة سواء بدل جدل التنازع الطائفي وسجالات الانحطاط المذهبي.
ما شهدناه في الأيام الأخيرة على خلفية أحداث البحرين مشهد مقزز يندى له الجبين. لقد وصل الخطاب السياسي الطائفي إلى أدنى الدركات، وصارت لغة التخوين أسلوباً سائداً في النقاش، وبات كل فريق، على لسان الفريق الآخر، غريباً اكتسب الجنسية من غير حق، وصاحب ولاء خارجي استحق إسقاط مواطنيته، أو استئصالياً لا يعترف بالآخر، أو أقلياً يلجأ إلى العصبية للحفاظ على الذات، أو أكثرياً يرتاح إلى الهيمنة مدعمة عبر الحدود.
معيب ما قيل على الشاشات وفي بعض الندوات. وأكثر عيباً نشر غسيلنا على الفضائيات، وكأننا شعب لم يحقق أي إنجاز ولم يُقم دولة ولم ينتصر على نكبة احتلال.
نستنكر وندين، لأن ما يصدر من هنا وهناك لا يعبر عن أكثرية شعبنا ولا عن تجربته التاريخية ولا عن تراكم عيشه المشترك، ولا عن قواه السياسية الواعية ونخبه المتقدمة، فالأعلى صوتاً ليس بالضرورة صاحب الحق، والأكثر إثارة ليس حتماً الأقرب إلى الأصول والأخلاق. نحن لدينا مراجع واضحة لحياتنا الوطنية، لدينا دولة ودستور وقوانين وديمقراطية، مثلما أن ذاكرتنا تختزن العَرَق الذي بذله أجدادنا للبناء، والدم الذي قدمه شهداؤنا للبقاء، وما عرف عنا من وسطية واعتدال. لذلك فإننا نعتبر التطرف خروجاً على القانون وعلى روح الجماعة وعلى مفهوم الدولة الواحدة التي يحيا أبناؤها في ظل الدستور.
لا يغيب عنا أن أحداث البحرين، مثل أحداث عديدة تجري في محيطنا، تثير المشاعر. وبديهي أن كل فئة تتعاطف مع من تشعر أنه أقرب إلى معتقداتها وآرائها. لكن ذلك يجب ألا يدفع أي طرف إلى تضامن مستفِز أو إلى تعاطف مع الخارج يضيع المودة مع الشريك في الداخل ويفصم عرى العيش المشترك المحتوم.
إن الأحداث الكبرى الجارية في عالمنا العربي والمخاضات المستمرة في أكثر من بلد يجب أن تدفعنا إلى التفاعل معها عبر التمسك باستقرارنا ووحدتنا الوطنية، في وقت نؤكد تلاحمنا مع إخوتنا في مجلس التعاون، ومؤازرة تشدد على أمنهم الخارجي برفض التهديدات والتدخلات، وعلى أمنهم الداخلي بتأكيد الاستقرار وإزالة الغبن في آن.
فلنقف جميعاً وراء المساعي الكويتية الخيِّرة، لأنها التعبير الأصدق عن الكويت وشعبها، ولندعم اي حراك في هذا الاتجاه. ولنعمل جميعاً على خفض التوتر لدينا عبر كفّ الألسنة الطويلة وردع الأقلام الفتنوية، والحجر على كل المتعصبين الطائفيين. فمجتمعنا لا يحيا إلا بالاعتدال، وشعبنا لا مصلحة له إلا في الدولة القوية التي لا يستقوي عليها مزايدون ولا يستضعفها أصحاب الأجندات المغرضة، كي تبقى حامية للجميع، وجامعة للتمايزات، وصاحبة دور يدعو إلى الاعتزاز.

ومن هذا المنطلق ساتوقف عن اللقابة من اجل كويت القانون و كويت الحرية و كويت التلاحم .

هناك تعليق واحد: